تأسست خدمة الهاتف الإسلامي عام 2000 فى جمهورية مصر العربية ، وهى خدمة دينية إسلامية وسطية.. |    
 
 
   
Urdu English الاتصال بنا روابط اخرى فتاوى شائعة من نحن Q & A الرئيسية
 
 

 

 
سؤال وجواب --> العقيدة --> لا عذر بالجهل فى العقيدة    

السؤال : سئل عن حكم العذر بالجهل فى العقيدة، وهل يعذر الجاهل فى الآخرة؟

ملخص الفتوى: الجهل لا يكون عذراً فى العقيدة؛ فمن إرتكب شيئاً مكفراً عن جهل يكفر، ولا يعذر بجهله، ويكون من الخالدين فى الجحيم.

الشيخ ابن باز- مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 9/398

تعليق:

هذه الفتوى تسير مع المنهج المتشدد لكل هذه الفتاوى والذى يؤدى إلى محاصرة المسلمين فى كل سبيل، وإخراج أكبر عدد منهم من الإسلام.

والجهال يوجدون دائماً فى الإسلام وفى كل دين، والواجب نصحهم وتعليمهم والترفق بهم، وليس إخراجهم من الإسلام، وتسميتهم بالكفار.

التعقيب:

الذى عليه أهل السنة والجماعة أن المسلم لو فعـل فعلاً مُكفـراً عن جهـل، فـإن هذا الجهـل يكـون مـانعاً مـن الحكـم عليـه بالكـفــر، ويكون بالتالى مانعاً من العقوبة التى أعدها الله تعالى يوم القيامة للكافرين، من الخلود فى نار الجحيم مع المغضوب عليهم والضالين، وأستدلوا بالأدلة الآتية:

أولاً ـ ما قصه الله تعالى فى سورة المائدة عن خطأ الحواريين وجهلهم بصفة ربهم أنه تعالى على كل شيء قدير، وكذلك شكهم بمصداقية نبوة عيسى عليه السلام، كما أخبر الله تعالى عنهم: ﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ[1]﴾. فرغم أن الشك فى أن الله على كل شيء قدير هو كفر، إلا أن الحواريين لم يكفروا، وعذروا بجهلهم فى ذلك.

ثانياً ـ الذين قالوا ـ من بني إسرائيل ـ لموسى عليه السلام: ﴿اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ[2]﴾، ولا شك أن قولهم وسؤالهم موسى أن يجعل لهم إلهاً مع الله كفر بواح لا شك فيه، ولكن لم يكفروا لعذرهم بالجهل.

ثالثاً ـ ما روى ابن ماجة ان مُعَاذا لما قدم مِنَ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِىِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قَالَ «مَا هَذَا يَا مُعَاذُ». قَالَ أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ، فَوَدِدْتُ فِى نَفْسِى أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ «فَلاَ تَفْعَلُوا فَإِنِّى لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا[3]».

والسجود لغير الله كفر، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن السجود عبادة وهو لا يجوز أن يُصرف إلا لله وحده، ولم يحكم عليه بالكفر والإرتداد.

رابعاً ـ ما روى البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رضى الله عنهما أَنَّهُ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِى رَكْبٍ وَهْوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَنَادَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، وَإِلاَّ فَلْيَصْمُتْ [4]».  

والحلف بغير الله شرك، كما فى الحديث: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ [5]»، إلا أن عمر لم يكن يعلم وقتها أن الحلف بغير الله تعالى من الشرك، ولأجل ذلك فقد عُذر.

فهذه الأدلة ـ وغيرها كثير ـ تدل دلالة واضحة على أن المسـلم الذى يرتكــب الكفر جهلاً لا يحكم عليه بالكفر، ولا يُسمى كافراً حتى يُعَلّم وتقام عليه الحجة، وأن الجهل إذا توفرت دواعيه وأسبابه المعتبرة التى لا يمكن دفعها، فإنه يُعتبر عذراً يعذر صاحبه، ويُقيل عثرته، ويمنع عنه الحكم بالكفر وما يترتب عليه من لحوق العذاب والوعيد.

وهذا رأى الشيخ ابن عثيمين، وفى سؤال له: إذا دخل كافر فى الإسلام ثم صدر منه ناقض من نواقض الإسلام بسبب جهله فكيف يُعامل؟ وهل يجدد إسلامه؟ أجاب: الحمد لله "يُعامل بالتى هى أحسن، ويُبين له أن هذا من نواقض الإسلام، ولا يحتاج إلى تجديد إسلامه، لأن هذا الناقض الذى فعله لم يكن عالماً به، والله عز وجل يقول: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ (الإسراء/15)، ويقول: ﴿وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ﴾ (القصص/59)، والجاهل ليس بظالم، لأنه لم يتعمد الإثم، لاسيما من كان حديث الإسلام" انتهى. والله أعلم[6]

د/ محمد فؤاد


[1] المائدة:113.  

[2] الأعراف:138.

[3] ابن ماجة 1926.

[4] البخاري 6108.

[5] سنن أبي داود 3253.

[6] فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله. "الإجابات على أسئلة الجاليات" (1/32، 33).